بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
في هذا البحث أُبين عقيدة غلام أحمد القادياني في أن الملائكة حاملين لقدرة الله الإلهية الأبدية، وأنهم يقولون للشيء كن فيكون، وما يستلزم من ذلك من مستلزمات فاسدة وأمور عظام يندى لها الجبين، وقبل قرآءة هذا البحث يجب قراءة البحث الأول في عقيدة غلام أحمد القادياني في الملائكة لتتم الفائدة والفهم الصحيح لما في هذا البحث. (عقيدة غلام أحمد القادياني في نزول الملائكة إلى الأرض).
بسم الله أبدأ.
النقل الأول:
لنحلل هذا النص ولننظر مدى هذا الإفتراء على الله تعالى من قبل غلام أحمد القادياني:
أولاً: يقول: "وانظر إلى الملائكة..كيف جعلهم الله كجوارحه"
كما هو معلوم عند أهل السنة والجماعة من المسلمين أن صفات الله تعالى وأسماؤه توقيفية، ولا يجوز أن نأتِ بشيء ولا بأي وصف غير موجود في الكتاب أو السنة النبوية، لذلك نسأل القاديانية ما الدليل على أن لله جوارح –والعياذ بالله-، وإذا لم تأتُ به فاعلموا أن غلام أحمد القادياني يقول أن كل ما يخالف القرآن زندقة، وبالتالي سيكون غلام أحمد القادياني زنديق لأنه خالف القرآن الكريم.
ومن مستلزمات هذا القول نسب العجز والضعف إلى الله تعالى، وأنه بحاجة إلى من ينوب عن جوارحه لتسيير الكون –والعياذ بالله-، وبالتالي نطلب من القاديانية الجواب عن هذه التراهات وهذا القدح في ذات الله تعالى.
ثانيا: يقول: "وجعلهم وسائط قدره في الأمور ولِكُنُ فَيَكُونِيّتِه ... في كل أمر"
في كل أمر يريده الله تعالى لا بد من وجود الملائكة ليقع هذا الأمر، فذلك يدل –والعياذ بالله- أن الله محتاج لملائكته وبدونهم لا يمكن أن تنفذ أوامر الله تعالى، إذا كان في (كل أمر) وكل (كن فيكون) بحاجة إلى ملائكته فهذا من وصف الله تعالى بالعجز من قبل غلام أحمد القادياني، والعياذ بالله من كلامه. فهل إذا قال الله لشيء كن فيكون لا بد من ملائكة لتنفيذه؟؟؟
ثالثا: يقول: "ولا يشغله شأن عن شأن" هنا يصف الملائكة.
كيف ذلك، هل الملائكة لهم نفس قدرة الله تعالى الذي لا يشغله شأن عن شأن، هذا من صفات الله تعالى وغلام أحمد يصف بها الملائكة، وضرب مثالاً لذلك في ملك الموت أنه لا يشغله قبض روح عن روح، وهذا المثال حجة عليه لا له، لماذا؟
الموضوع كبير لكن أختصر، قال تعالى: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ" (الأنعام:61)، الشاهد: "تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا" أي ملائكة موكلون بذلك، روى ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس وغير واحد قولهم: إن لملك الموت أعواناً من الملائكة يخرجون الروح من الجسد فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم. والله سبحاته وتعالى أعطاه القدرة على ذلك، أن يقبض الأرواح من الملائكة في آن واحد، فهو يناديها فتأتي إليه، والملائكة لا يقاسون بالبشر أصلا، كما يؤمن بذلك غلام القاديانية لكنه مع الأسف يقيس الملائكة بالله تعالى، أنكر شيئا ووقع فيما هو أعظم منه.
فالمتأمل في نصوص القرآن الكريم يدرك أن الله سبحانه وتعالى أسند التوفي للملائكة كما في قوله تعالى: "الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ" (النحل: 28)، وقوله:"الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ" (سورة النحل: 32)، وقوله تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا، وغيرها من الآيات، وأسنده في آية أخرى لملك الموت، قال تعالى:"قل يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ"، وأسنده سبحانه في آية أخرى إليه جل وعلا، قال تعالى: "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا" (الزمر:42)، ولا معارضة بين الآيات المذكورة، فإسناد التوفي إليه سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يموت أحد إلا بمشيئته وإذنه كما قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً" (آل عمران:145)، وإسناده لملك الموت؛ لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وإسناده للملائكة؛ لأن لملك الموت أعواناً من الملائكة ينْزعون الروح من الجسد إلى الحلقوم؛ فيأخذها ملك الموت.
وأما قوله: كيف يقبض ملك الموت الأرواح في وقت واحد؟ فالجواب أن الله تعالى يقرب له مسافات الأرض حتى تكون مثل القصعة بين يديه، قال القرطبي روي عن مجاهد أن الدنيا بين يدي ملك الموت كالطست بين يدي الإنسان يأخذ من حيث شاء، قال ابن كثير وروى زهير بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه مرفوعاً- قال به ابن عباس رضي الله عنهما.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
النقل الثاني:
نطالب القاديانية بالدليل من الكتاب أو السنة على هذا التخريف، وإذا كان لا يوجد فالكتاب والسنة دليل على بطلان كلام غلام أحمد القادياني؛ فيكن كلامه هذا زندقة، لأن غلام أحمد القادياني يقول أن كل ما يخالف القرآن زندقة.
فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ولم يرد أنهم يقولون للشيء كن فيكون، بل إنهم يفعلون ذلك بأنفسهم وبما أعطاهم الله من قدرة على تنفيذ أوامره، فهم قاتلوا في غزوة بدر مع الصحابة بأنفسهم، ولو كان الأمر غير ذلك لقالوا للكفار موتوا فيموتوا من فورهم، ولا داعي للقتال وحمل السيوف مع المسلمين في الغزوات.
جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ: ( جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلائِكَةِ ) البخاري، فكلمة "شهد" تدل على أنهم شهدوها بأجسادهم ولم يقولوا للكافر مُت فيموت وهم في أماكنهم في السماء.
وأخيرا يقول الله تعالى: (الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير) -سورة فاطر آية 1-، فالملائكة رسل الله، والرسول كما هو معروف يذهب بنفسه ولا يأمر وهو في مكانه لأن المرسِل هو الله تعالى وهو الآمر والناهي، وإذا كانت الملائكة تقول للشيء كن فيكون فلا داعي أصلا أن يأمرهم الله تعالى فهو القادر القاهر، يقول للشيء كن فيكون، ولماذا الملائكة تقول ذلك.
النقل الثالث:
أعوذ بالله من كلام هذا الدجال، كيف يُقيم اللهُ تعالى الملائكةَ مقامه في الربوبية والخالقية، هل الملائكة تستطيع أن تخلق أم ماذا؟، وإذا كان كذلك فالملائكة هي التي تخلق البشر إذن، والدليل على هذه العقيدة الفاسدة أن غلام أحمد القادياني يقول أنهم إذا إرادوا شيئاً فيكون الشيء، أي يقولون للشيء كن فيكون. إذا كان هذا عمل الملائكة فماذا ترك غلام أحمد القادياني لله من أعمال، إذا كانت الملائكة قائمة مكان الله تعالى في الربوبية وهي الخلق والملك والتدبير، فما هي وظيفة الله تعالى؟ والعياذ بالله.
هو فرق بين الربوبية والخالقية وهذا من جهله في العقيدة، فالخلق يكون مندرج تحت الربوبية، ومن ثم يقول "وغيرهما"، إذا الملائكة هي التي تدبر الكون وليس الله تعالى، فلا أدري من يدبر الكون بعد موت جميع الخلائق؟.
النقل الرابع:
علقت على هذا النقل في البحث الأول فليراجع (عقيدة غلام أحمد القادياني في نزول الملائكة إلى الأرض)
والمراد من هذا النقل إثبات أن غلام أحمد القادياني يقول: "أن الملائكة يشبهون بصفاتهم صفات الله تعالى"، والعياذ بالله من هذا الكلام، الله تعالى يقول: " ليس كمثله شيء" وغلام أحمد القادياني الدجال يقول الملائكة تشبه بصفاتها صفات الله تعالى، فلعلنا نترك كلام ربنا العظيم، كلام الله العزيز الحكيم العليم الخبير، ونتبع كلام هذا غلام أحمد القادياني الدجال. والله المستعان.
النقل الخامس:
يقول غلام أحمد القادياني: "وحاصل قولنا"، أي أن ملخص ما يعتقده في الملائكة، "أن الملائكة خلقوا حاملين للقدرة الأبدية الإلهية"،
سؤال مهم للقاديانية: ما هي القدرة الإلهية؟،
أليست القدرة صفة من صفات الله تعالى، وهي تتضمن أن الله تعالى القدير الذي لا يعجزه شيء لا في الأرض ولا في السماء، أليس الله على كل شيء قدير، هذه هي القدرة الإلهية، هل الملائكة لديهم هذه القدرة، إذن فهم آلهة حسب ما يقول غلام أحمد القادياني، لأنهم يحملون القدرة الإلهية فهم يفعلون ما يشاؤون ولا يعجزهم شيء في الأرض ولا في السماء، وبإمكانهم خلق ما يريدون، لأنه قال عنهم أنهم يقولون للشيء كن فيكون، فلذلك نرى من مسلتزمات هذا القول أن الملائكة آلهة ولهم القدرة الإلهية الأبدية -كما عبر عنها غلام القاديانية-، وبالتالي لهم الحق في الخروج من ملكوت الله تعالى وخلق مماليك خاصة بهم لأن لديهم القدرة الإلهية الإبدية.
يقول: أنهم بمنزلة جوارح الله -وتم الرد على هذا في النقل الأول من هذا البحث-.
يقول: لو كان نزلوهم وصعودهم من طرز صعود الإنسان ونزوله لاختل نظام ملكوت السماوات وفسد كل ما فيها، ولعاد النقص إلى الله تعالى.
في البحث الأول (عقيدة غلام أحمد القادياني في نزول الملائكة إلى الأرض) يقول غلام أحمد القادياني في النقل التاسع أن الملائكة من عالم آخر أي من عالم الغيب، ولا يعلم كنههم إلا الله تعالى، فلا تضربوا لله الأمثال.
فلماذا هو يضرب للملائكة الأمثال. يفترض أنهم لو نزلوا إلى الأرض سيكون نزولهم كنزول الإنسان وهذا لا يجوز عنده، لذلك لا يتركون مواقعهم في السماء خالية، وينزلون بأجسام أخرى، لأنه يعتقد إذا كان نزولهم بأجسادهم الحقيقة السماوية، سيختل نظام ملكوت السماوات، وسيعود النقص على الله تعالى –والعياذ بالله-. والصحيح –كما أثبته في البحث الأول- أن الملائكة تنزل بأجسادها السماوية، ولا دليل لدى غلام أحمد القادياني على ما يدعيه من هذه العقيدة الفاسدة.
لذلك يستلزم من قول غلام أحمد القادياني أن النقص عاد على الله تعالى –والعياذ بالله- لأنه ثبت بالدليل القطعي أن الملائكة تنزل بأجسادها السماوية وبالتالي فإن ملكوت السماوات مختلف وعاد بسبب ذلك النقص على الله تعالى. –والعياذ بالله-.
نعوذ بالله من فساد الإعتقاد وسوء الطوية.
والنقل التالي يؤكد على ما بينته في النقل السابق، وأن غلام أحمد القادياني ينسب إلى الله تعالى الحرج والنقص.
النقل السادس:
من النقل أعلاه (الخامس والسادس) وما فيهما من عقيدة لغلام أحمد القادياني، فالواضح أنه يعتقد أن الله تعالى يعتريه النقص والعجز، وأنه الله ليس على كل شيء قدير –والعياذ بالله-، وذلك للأسباب التالي:
الأول: أن النقص يعود إلى الله إذا كانت الملائكة تنزل بأجسادها السماوية، وهذا والعياذ بالله فيه أن الله ليس على كل شيء قدير، أليس الله تعالى هو خالق الخلق وهو القادر على حفظ السماوات والأرض، ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم، فظهر من ذلك مخالفة غلام أحمد القادياني للقرآن فهو زنديق حسب حكمه على نفسه.
الثاني: نزول الملائكة بأجسادها السماوية يسبب إضاعة الوقت وفوت الأمر المقصود لأنهم سيتأخرون في النزول لأن المسافة طويلة، أليس الله قد خلق الملائكة وأعطاهم من القدرة على تنفيذ أوامره بدون تأخير، فلو قلنا بإضاعة الوقت لبعد المسافة فهذا قدح في قدرة الله تعالى وعدم معرفته بما يخلق -والعياذ بالله-.
الثالث: نزول الملائكة بأجسادهم السماوية يكون فيه حرج عظيم في أمور قضاء الله وقدره، وكأن الله تعالى بحاجة إلى الملائكة لإنفاذ قضائه وقدره، -والعياذ بالله-، فالله هو الواحد الأحد الصمد، الذي لا يحتاج أحد وجميع المخلوقات بحاجة إليه ولا تستغني عنه طرفة عين، فأي افتراء عظيم على الله تعالى بهذا القول العظيم، الذي لا تتحمله الجبال من عظم فساده وعظم قدحه في الله تعالى وقدرته وعظمته وقيوميته.
الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان والفهم الصحيح لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، والله لو أردنا وضع جيمع النقول عن عقيدة غلام أحمد القادياني في الملائكة لم وسعنا مجلد من ألف صفحة.
ولكن حجم القرف الذي يصيب من يقرأ في كتب غلام أحمد القادياني ليس له حدود، ولكن مضطرون لذلك لبيان عظم افترائه على الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه دجال وليس بنبي ولا برسول، بل هو من الأربعين الذي قال عنهم النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنهم يدعون النبوة.
والحمد لله رب العالمين.